اضرابا 6 ابريل و4 مايو: بين الواقع والعالم الافتراضي

**الأربعاء 09 أبريل 2008, 8:04 pm**

في حال اصبح لدينا يوما ما نظام ديمقراطي، فعلينا ان نجعل من السادس من ابريل/ نيسان اليوم الوطني للمحلة، تماما كما الـ31 من مارس/ آذار هو اليوم الوطني للجيزة الذي يحيي ذكرى مقاومة اهل الجيزة للاحتلال البريطاني خلال ثورة 1919".
هذه العبارة مطلع لمقال كتبته زنوبيا، شابة مصرية تبلغ 24 عاما وتصف نفسها كالتالي: "انا فتاة مصرية، تعيش في الحاضر مع امجاد الماضي وامل بمستقبل افضل لي ولبلادي".
المقال ليس في صحيفة، انه على الانترنت، في مدونة زنوبيا "حوليات مصرية" المفتوحة لرواد الشبكة الالكترونية.
خصصت زنوبيا كل محتوى مدونتها في اليومين الاخيرين لاحداث المحلة، فهي نشرت صورا عن المواجهات، كما وضعت روابط على موقعها لتسجيلات فيديو نشرت على موقع يوتيوب تظهر بعض ما حدث في المحلة.
حسام الحملاوي، مدون آخر، خصص مدونته "عرباواي" لمتابعة احداث المحلة. الحملاوي الذي يعرف عن نفسه كصحفي مقيم في القاهرة، عمل فعلا كصحفي ومراسل على مدونته، فبالاضافة الى نشر صور ما جرى في المحلة، نشر الحملاوي بيانات المنظمات التي ادانت تصرفات قوى الامن، وزود قارءه بكل جديد من اقوال شهود، ومعلومات واردة من الشارع وما يعتقد انه اشاعات وما يعتقد انه حقيقة.
هكذا، باستطاعة أي قارئ على الانترنت التجول لساعات، وزيارة مئات المواقع والمدونات مرتبطة كلها ببعضها كشبكة عنكبوت، يمكن كذلك للقارئ ان يحصي عدد المدونين المعتقلين في مصر والعالم العربي، وان يرى حملات التضامن مع سجناء الرأي العابرة للحدود الجغرافية.
الانترنت وبخاصة المدونات ومواقع شبكات العلاقات مثل "فيسبوك" والرسائل النصية بواسطة الهاتف والبريد الالكتروني، كلها عوامل لعبت دورا كبيرا جدا في نشر خبر الاضراب في 6 ابريل/ نيسان، وذلك كما تقول كورتني رادش، الباحثة في مجال الاعلام العربي بجامعة واشنطن لمدونة وموقع ارابيستو الذي اصبح من اشهر المواقع/مدونات بالنسبة للذين يهتمون بمواقع التدوين السياسية.

قوات الأمن طوقت مقار النقابات المهنية

توقيف استباقي
رادش في مقالها الذي نشرته في 2 ابريل/ نيسان أي قبل 4 ايام من الاضراب، تعيد سبب نسج الشبكة الالكترونية السياسية في مصر عفويا الى "حملات القمع التي تعرضت لها حركة كفاية وجماعة الاخوان المسلمين من قبل السلطات في الاعوام الاخيرة".
موقع منصات الالكتروني الذي يعنى بشؤون الاعلام وحريته في العالم العربي ركز في تغطيته لاحداث المحلة واضراب 6 ابريل/ نيسان على "الطريقة الاستباقية التي تحركت بها قوى الامن المصرية حين بدأت باعتقال مدونين قبل ان تعتقل أي متظاهر".
وسط هذه الاجواء التي كانت قد بدأت باعلان المجتمع السياسي للعالم الافتراضي المصري يوم 6 ابريل/ نيسان يوم اضراب للاحتجاج على ارتفاع اسعار الخبز والمواد الاساسية الاخرى، انتهى يوم الاضراب باعتقالات من بين المتظاهرين، واطلاق قوى الامن ومكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع لتفريق الحشود.
وزارة الداخلية المصرية عللت تصرفاتها بما سمته خرق المتظاهرين للقوانين، وعدم حيازتهم على تراخيص للتظاهر، واعاقتهم حركة السير. وحيت ما سمته بـ"الفشل الذي مني به المتخصصون بالاستفزاز وخرق القانون".

مباحث امن الدولة وقوات مكافحة الشغب اعتقلت العشرات

فيسبوك - النجم
اما محمد كامل السيد، وهو محلل سياسي مصري فقد قال لوكالة الانباء الفرنسية ان الدعوة الى الاضراب لم تتسع على نطاق وطني لان مطلقيها شبان لا يملكون الخبرة اللازمة والكافية لاطلاق تحركات من هذا القبيل كما لا يملكون قاعدة شعبية تخولهم القيام بتعبئة شعبية".
الا ان السيد اضاف بأنه "لا يجب التقليل من اهمية ما حدث، لان ذلك يمكن اعتباره من اولى المحاولات".
وعلى الرغم من الاعتقالات التي جرت وتفريق التظاهرات، فان ذلك لم يثن المجتمع السياسي الافتراضي المصري عن اعلان تاريخ جديد لتحركه.
فبعدما جمع موقع فيسبوك لاضراب 6 ابريل/ نيسان الماضي اكثر من 67 الف مشترك على صفحته، وبعد الدعاية التي حصلت عليها مطلقة الصفحة اسراء عبد الفتاح احمد اذ اعتقلت لساعات قبل اعادة اطلاق سراحها، اصبح العنوان اليوم: "4 مايو اضراب عام لشعب مصر"، وتم اختيار هذا التاريخ اذ يصادف يوم عيد ميلاد الرئيس المصري حسني مبارك.
فترة شهر تقريبا تفصل الناشطين والمروجين للاضراب عن تحركهم الجديد.
عدد المشتركين بصفحة الاضراب على فيسبوك يزداد بسرعة، والمدونات السياسية المصرية لا تكف عن نشر دوري وسريع لكل المعلومات والصور التي تتعلق بحرية التعبير والحريات السياسية.
ولكن من غير المعروف بعد ما اذا كان المجتمع المصري الحقيقي مستعدا لتحرك على نطاق اوسع من الذي شهدناه في 6 ابريل/ نيسان، كما من غير الواضح حتى الآن ما اذا كان سكان العالم الافتراضي السياسي في مصر يملكون الوسائل اللازمة لردم الهوة التي تفصلهم عن قدرة التأثير في الشارع.